الفن التشكيلي الحديث في السودان:
اجتازت الحركة التشكيلية في تطورها مراحل عديدة من النمو، وكان هذا مرتبطا إلى حد كبيرة بتطور المجتمع السوداني الذي كان يسعى لابتداع هويته الثقافية القومية، وهو تطور امتد منذ مرحلة الخمسينات، ومع بداية تخريج الدفعات الأولى من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في مرحلة الحراك الوطني والنضال ومقاومة الاستلاب الثقافي والفكري الذي كان المستعمر قائماً عليه، وتمثل ذلك في البحث الجاد عن قيم جمالية تشكيلية سودانية جديدة كمشروع ثقافي يتزامن مع حركة "السودنة"، ويتمثل مع حركة الاستقلال فقد اكتشف الفنانون السودانيون الرواد لحركة التشكيل المعاصر أن عملية إتقان التقنيات الفنية بالدراسة الأكاديمية التي تلقوها يجب أن تكون وسيلة أو ملكة للتعبير عن تراثهم التشكيلي المتراكم من الحضارات التي عبرت بعمق عن الوجدان الشعبي، وأن محاكاة الأنماط الغربية في التشكيل لا تعبر عن إرثهم وخبرتهم النابعة من واقعهم الثقافي والاجتماعي، لذا ارتبطت الحركة التشكيلية الحديثة في السودان ارتباطا عضوياً بتراث أهل السودان وبالتطور الاجتماعي والتحولات العالمية في مجالات الفنون التشكيلية،وكانت الدعوة من قبل بعض الفنانين الرواد العودة إلى التراث باعتباره منبع اللأصالة والتأصيل وقاعدة قوية لترسيخ العمل الفني في البلاد وتعميقه ليصبح هو الأساس في حركة التشكيل المعاصر، وقد أدى ذلك لظهور أول مدرسة فنية حديثة أطلق عليها الأستاذ الجامايكي "دينز وليامز" اسم مدرسة الخرطوم لما وجد فيها من خصائص متقاربة مستلهمة من الثقافة السودانية والبيئة المحلية في أعمال الفنانين في تلك المرحلة تختلف عن التيارات العربية الأفريقية التي كانت سائدة في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي في أعمال الرواد وبالأخص أعمال عثمان وقيع الله وإبراهيم الصلحي وشيرين وغيرهم، وإن لم يعمد هؤلاء لتشكيل جماعة فنية ملتزمة بنزعة أسلوبية إو جمالية محددة على غرار المدارس الأوروبية مثل الانطباعية أو السريالية إذ لم يصدروا بيانات أسيسيا يوضح منطلقاتهم، ونجد أن العديد منهم ممن اتبعوا أساليب مختلفة شكلت أجيال لاحقة من الفنانين قدموا إضافات جديدة مثل الفنان شفيق شوقي ومبارك بلال وبكري بلال وعبد الله عتيبي، وحسين جمعان غير أن الأهم بالنسبة إلى مدرسة الخرطوم ليس وضوح رؤيتها الفنية وإحكام اختياراتها الأسلوبية إنما بروزها كظاهرة وحدث محوري في الحركة الفنية وتطورها وتأثيرها المتواصل المستمر على الرغم من ظهور تيارات واتجاهات فنية ومدارس ملتزمة برؤى فنية وفلسفية أخرى مثل الكريستالية بقيادة محمد شداد، ومدرسة الواحد التي أسسها الفنان احمد عبد العال، وجماعة الحديقة التشكيلية التي قام بتكوينها علاء الدين الجزولي، وجماعات أخرى مثل جماعة "النيل" و"أمدرمان"،وكل هذه المدارس أصدرت بيانات تعلن عن ميلادها وتبرز توجهاتها الفنية والفكرية مما أثرى الحركة التشكيلية في السودان..
منقول
اجتازت الحركة التشكيلية في تطورها مراحل عديدة من النمو، وكان هذا مرتبطا إلى حد كبيرة بتطور المجتمع السوداني الذي كان يسعى لابتداع هويته الثقافية القومية، وهو تطور امتد منذ مرحلة الخمسينات، ومع بداية تخريج الدفعات الأولى من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في مرحلة الحراك الوطني والنضال ومقاومة الاستلاب الثقافي والفكري الذي كان المستعمر قائماً عليه، وتمثل ذلك في البحث الجاد عن قيم جمالية تشكيلية سودانية جديدة كمشروع ثقافي يتزامن مع حركة "السودنة"، ويتمثل مع حركة الاستقلال فقد اكتشف الفنانون السودانيون الرواد لحركة التشكيل المعاصر أن عملية إتقان التقنيات الفنية بالدراسة الأكاديمية التي تلقوها يجب أن تكون وسيلة أو ملكة للتعبير عن تراثهم التشكيلي المتراكم من الحضارات التي عبرت بعمق عن الوجدان الشعبي، وأن محاكاة الأنماط الغربية في التشكيل لا تعبر عن إرثهم وخبرتهم النابعة من واقعهم الثقافي والاجتماعي، لذا ارتبطت الحركة التشكيلية الحديثة في السودان ارتباطا عضوياً بتراث أهل السودان وبالتطور الاجتماعي والتحولات العالمية في مجالات الفنون التشكيلية،وكانت الدعوة من قبل بعض الفنانين الرواد العودة إلى التراث باعتباره منبع اللأصالة والتأصيل وقاعدة قوية لترسيخ العمل الفني في البلاد وتعميقه ليصبح هو الأساس في حركة التشكيل المعاصر، وقد أدى ذلك لظهور أول مدرسة فنية حديثة أطلق عليها الأستاذ الجامايكي "دينز وليامز" اسم مدرسة الخرطوم لما وجد فيها من خصائص متقاربة مستلهمة من الثقافة السودانية والبيئة المحلية في أعمال الفنانين في تلك المرحلة تختلف عن التيارات العربية الأفريقية التي كانت سائدة في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي في أعمال الرواد وبالأخص أعمال عثمان وقيع الله وإبراهيم الصلحي وشيرين وغيرهم، وإن لم يعمد هؤلاء لتشكيل جماعة فنية ملتزمة بنزعة أسلوبية إو جمالية محددة على غرار المدارس الأوروبية مثل الانطباعية أو السريالية إذ لم يصدروا بيانات أسيسيا يوضح منطلقاتهم، ونجد أن العديد منهم ممن اتبعوا أساليب مختلفة شكلت أجيال لاحقة من الفنانين قدموا إضافات جديدة مثل الفنان شفيق شوقي ومبارك بلال وبكري بلال وعبد الله عتيبي، وحسين جمعان غير أن الأهم بالنسبة إلى مدرسة الخرطوم ليس وضوح رؤيتها الفنية وإحكام اختياراتها الأسلوبية إنما بروزها كظاهرة وحدث محوري في الحركة الفنية وتطورها وتأثيرها المتواصل المستمر على الرغم من ظهور تيارات واتجاهات فنية ومدارس ملتزمة برؤى فنية وفلسفية أخرى مثل الكريستالية بقيادة محمد شداد، ومدرسة الواحد التي أسسها الفنان احمد عبد العال، وجماعة الحديقة التشكيلية التي قام بتكوينها علاء الدين الجزولي، وجماعات أخرى مثل جماعة "النيل" و"أمدرمان"،وكل هذه المدارس أصدرت بيانات تعلن عن ميلادها وتبرز توجهاتها الفنية والفكرية مما أثرى الحركة التشكيلية في السودان..
منقول
Comment